فرقة القاديانية

فرقة القاديانية

دكتور محمد عيسى قنديل

المقدمة

فرقة إسلامية من الغلاة المتأخرين، ابتدعها الميرزا غلام أحمد القادياني (1248 – 1319 هـ ق)، وقد أسسها عام 1900، وسماها “القاديانية”، نسبة إلى مدينة “قاديان” في البنجاب الهندية، حيث ولد الميرزا أحمد الذي ادعى أنه المسيح المعهود، والمهدي الموعود في وقت واحد، وتأثر بالغرب غاية التأثر، وغلف دعوته بشعارات التجديد للإسلام والإصلاح والتقدم .

أسباب ظهور القاديانية:

لما استقرت أقدام الإنجليز في الهند وجدوا فيها خمسين مليوناً من المسلمين يتحركون بتعاليم الدين ورؤى القرآن الذي يتلى عليهم، ويحرضهم على الجهاد والمقاومة ضد الكافرين، فأخذ المستعمرون الإنجليز يبحثون عن سبل إزالة هذا الدين من أرض الهند أو إضعافه، فوجدوا أن أفضل وسيلة لتحقيق ذلك اختيار رجل ذي منصب ديني، من المسلمين أنفسهم، وهكذا كان ميرزا غلام أحمد القادياني الرجل الذي ينهض بهذا الدور الخطير ويحقق للمستعمر الإنجليزي غاياته وأغراضه، وقد كان مضطرب الأفكار والعقائد، طموحاً بتأسيس ديانة جديدة تترك بصماتها على قلب التاريخ.

وكانت حركة الإمام الشهيد « أحمد بن عرفات » ( 1842) قد أقلقت بريطانيا فقد استطاع هذا المجاهد حمل مشعل الجهاد والمقاومة، وبث روح النخوة الإسلامية، والحماس الديني في صدور المسلمين في الربع الأول من القرن التاسع عشر الميلادي في بلاد الهند ، وقد عانت منهم الحكومة الإنجليزية مصاعب جمة، وكانوا موضع اهتمامها، كما رأت الحكومة الإنجليزية أن دعوة السيد جمال الدين الأفغاني أخذت بالانتـشار في العالم الإسلامي بشكل مذهل، فكان لابد من مواجهة ذلك الشخص بشخص من داخل المسلمين أنفسهم يستطيع التأثير فيهم، وتشويش عقائدهم، وقد أجاد هذا الدور الميرزا غلام أحمد القادياني بأداء رائع، خدم الاستعمار الإنجليزي كثيرا.

النشأة والتطور:

في الوقت الذي وضعت بريطانيا يدها في يد الميرزا غلام، كانت الهند تشهد توجهاً فكرياً إسلاميا، تبناه الانجليز لمصلحة الاستعمار الغربي، وقد تبرقع هذا التوجه بشعارات التقدمية والإصلاح، بهدف تغيير اتجاه الجماعة الإسلامية إلى تقبل ما لم تألفه، وغير ما درجت عليه في اعتقادها. وساعد على ذلك انبهار بعض المسلمين بمظاهر الحضارة الغربية، والتطور الهائل في الصناعات، ورافق ذلك ضعف أحوال المسلمين، فعمل كل ذلك إلى حد بعيد على خداع البسطاء بالمذهب القادياني الداعي للإنجليز وأفكارهم، والذي يهدف لتثبيت سلطة المستعمر، ودعم ولايته على المسلمين، وتقويض حركة الجهاد والتحدي التي يحملها المسلمون.

ولم تعش الفرقة موحدة مدة طويلة، إذ سرعان ما انشقت القاديانية إلى شقين: أبرزهما ما يعرف باسم “الأحمدية” أو “جماعة لاهور”، وزعيما هذا الفرع هما: “خواجه كمال الدين”، و”مولاي محمد علي”. ولهذا الفرع نشاط كبير في خارج الهند ، في آسيا وأوربا.

أفكار القاديانية ومعتقداتها:

تبنت هذه الفرقة أفكاراً مخترعة تلفيقية، تمكنت من خلالها من بناء عقيدة خاصة بها، وكان مجال هذا التلفيق الديانتين المسيحية والإسلامية فيما يخص الرسول الكريم، والسيد المسيح عليه السلام، وعدداً من العبادات.

  1. تعتقد القاديانية بتناسخ الأرواح: حيث زعم ميرزا أن إبراهيم عليه السلام ولد بعد ألفين وخمسين سنة في بيت عبد الله بن عبد المطلب متجسدا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم بُعث النبي مرتين أخريين أحدهما عندما حلت الحقيقة المحمدية في المتبع الكامل يعني نفسه.
  2. يعتقدون أن الله يصوم ويصلي وينام ويخطئ، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً، يقول ميرزا: “قال لي الله: إني أصلي وأصوم وأصحو وأنام”، وقال: “قال الله: إني مع الرسول أجيب أخطئ وأصيب إني مع الرسول محيط”.
  3. يعتقد القاديانيون أن النبوة لم تختم بمحمد عليه السلام، بل هي جارية، وأن الله يرسل الرسول حسب الضرورة، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعاً!! وأن جبريل عليه السلام كان ينزل على غلام أحمد بالوحي، وأن إلهاماته كالقرآن.
  4. ويقولون: لا قرآن إلا الذي قدمه المسيح الموعود (الغلام)، ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعليماته، ولا نبي إلا تحت سيادة “غلام أحمد”، ويعتقدون أن كتابهم منزل واسمه الكتاب المبين، وهو غير القرآن الكريم!!
  5. ويعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل، وشريعة مستقلة، وأن رفاق الغلام كالصحابة، كما جاء في صحيفتهم “الفضل، عدد 92 “: ” لم يكن فرق بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتلاميذ الميرزا غلام أحمد، إن أولئك رجال البعثة الأولى، وهؤلاء رجال البعثة الثانية”.
  6. ويعتقدون أن الحج الأكبر هو الحج إلى قاديان وزيارة قبر القادياني، ونصوا على أن الأماكن المقدسة ثلاثة مكة والمدينة وقاديان، فقد جاء في صحيفتهم: “أن الحج إلى مكة بغير الحج إلى قاديان حج جاف وخشن، لأن الحج إلى مكة لا يؤدي رسالته ولا يفي بغرضه”.
  7. ويبيحون الخمر والأفيون والمخدرات والمسكرات!!.
  8. كل مسلم عندهم كافر حتى يدخل القاديانية: كما أن من تزوج أو زوَّج لغير القاديانيين فهو كافر.
  9. ينادون بإلغاء الجهاد، ووجوب الطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية التي كانت تحتل الهند آنذاك، لأنها – وفق زعمهم – ولي أمر المسلمين!!
  10. يعتقد القادياني بأن إلهه إنجليزي لأنه يخاطبه بالإنجليزية!!
  11. عقيدتهم في المسيح: أنه لم يصلب ولكنه مات ظاهرياً ودفن في قبر، خرج منه، وهاجر إلى الهند، وإلى كشمير على وجه التحديد ليعلم الإنجيل وتعاليمه، وانه توفي بعد أن بلغ من العمر مئة وعشرين سنة، وأن قبره لم يزل موجوداً هناك.
  12. جهاد الكفار: الجهاد عندهم ليس معناه اللجوء إلى العنف، باستخدام أدوات الحرب ضد غير المسلمين، وإنما هو وسيلة سلمية للإقناع.
  13. الميرزا غلام أحمد: جاء في كتاب “حقيقة النبوة “لميرزا أحمد الخليفة الثاني: إن “غلام أحمد القادياني” أفضل من بعض أولي العزم، ويدّعي أنه المهدي، ويذكر أنه حل في عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم على السواء ، فهو نبي.
  14. ألقاب رئيس القاديانية: للقاديانية رئيس يلقبونه: “أمير المؤمنين”، و”خليفة المسيح الموعود”، و”المهدي المعهود” .

مؤسس الفرقة: الميرزا غلام أحمد القادياني:

كان ميرزا غلام أحمد القادياني 1839 ـ 1908م أداة التنفيذ الأساسية لإيجاد القاديانية. وقد ولد في قرية قاديان من بنجاب في الهند عام 1839م، وكان ينتمي إلى أسرة اشتهرت بخيانة الدين والوطن، وهكذا نشأ غلام أحمد وفياً للاستعمار مطيعاً له في كل حال، فاختير لدور المتنبئ حتى يلتف حوله المسلمون وينشغلوا به عن جهادهم للاستعمار الإنجليزي، وكان قد بدأ نشاطه كداعية إسلامي حتى يلتف حوله الأنصار، ثم ادعى أنه مجدد وملهم من الله، ثم تدرج خطوة أخرى، فادعى أنه المهدي المنتظر، والمسيح الموعود، ثم ادعى النبوة، وزعم أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وكان للحكومة البريطانية إحسانات كثيرة عليهم، فأظهر الولاء لها، وكان عند أتباعه باختلال المزاج وكثرة الأمراض وإدمان المخدرات.

وقدّم الميرزا غلام أحمد للإنجليز خدمة متواصلة، وقد عبر بكل وضوح عما يدين به للحكومة الانجليزية من الولاء. فقد وضع كتاباً أسماه “ترياق القلوب”، جاء فيه: “لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصرتها، وقد ألفت في منع الجهاد، ووجوب طاعة أولي الأمر (الإنجليز) من الكتب والنشرات، ما لو جمع بعضه إلى بعض لملأ خمسين خزانة، وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد العربية، ومصر، والشام، وكابل”.

وقد وجد الإنجليز فيه القابلية لأن يكون وكيلا لهم، يعمل بين المسلمين لمصلحتهم، ولم يزل الميرزا غلام يتدرج في الادعاء بالمهدية، ومن ثم انتقل من المهدية إلى المسيحية، ومن المسيحية إلى النبوة، حتى تم ما أراده الانجليز، وكان هو نفسه لا يستحي من العلاقات الجيدة التي كانت قائمة بينه وبين الإنجليز، فقد صرح في بعض كتاباته بأنه: “غرس غرسته الحكومة الإنجليزية”، وكان قد كتب ذلك في التماسه، الذي قدمه إلى حاكم مقاطعة البنجاب الإنجليزي في 14 شباط 1898، وذلك من أجل إثبات دعوته الدينية، والبرهنة على نبوته، ساعده في ذلك قدرته على التنبؤء بحدوث كوارث فادحة من الطاعون والزلازل، التي حدثت في السنوات القريبة العهد  كما تنبأ مرة بقتل رجل من أهل لاهور، فلما قتل اتهمته ثلاث جماعات للتبشير بقتله، ولكن المحكمة حكمت ببراءته .

وقد بدأ ميرزا نشاطه كداعية إسلامي، ثم ادعى أنه مجدد ومُلْهَم من الله، ثم تدرج درجة أخرى فادعى أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود، يقول في ذلك: “إن المسلمين والنصارى يعتقدون باختلاف يسير أن المسيح هو ابن مريم، وأنه قد رفع إلى السماء بجسده العنصري، وأنه سينزل من السماء في عصر من العصور، وقد أثبتُّ في كتابي أنها عقيدة خاطئة، وقد شرحت أنه ليس المراد من النزول هو نزول المسيح بل هو إعلام عن طريق الاستعارة بقدوم مثيل المسيح، وأن هذا العاجز – يعني نفسه – هو مصداق هذا الخبر حسب الإعلام والإلهام”!!.

ثم انتقل من دعوى المثيل والشبيه بالمسيح عليه السلام إلى دعوى أنه المسيح نفسه، فقال :” وهذا هو عيسى المرتقب، وليس المراد بمريم وعيسى في العبارات الإلهامية إلا أنا ” ، ولما كان المسيح نبيا يوحى إليه، فقد ادعى ميرزا أنه يوحى إليه، وكتب قرآنا لنفسه سماه ” الكتاب المبين ” يقول : ” أنا على بصيرة من رب وهّاب، بعثني الله على رأس المائة، لأجدد الدين وأنور وجه الملة وأكسر الصليب وأطفئ نار النصرانية، وأقيم سنة خير البرية، وأصلح ما فسد، وأروج ما كسد، وأنا المسيح الموعود والمهدي المعهود، منَّ الله علي بالوحي والإلهام، وكلمني كما كلم الرسل الكرام”.

ويبدو أن دعوى أنه المسيح لم تلق القبول المرجو، ولم تحقق الغرض المؤمل منها، فانتقل من دعوى أنه المسيح النبي إلى دعوى أنه محمد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الحقيقة المحمدية قد تجسدت فيه، وأن النبي قد بُعث مرة أخرى في شخص ميرزا غلام، يقول ميرزا: “إن الله أنزل النبي محمدا مرة أخرى في قاديان لينجز وعده”، وقال: ” المسيح الموعود هو محمد رسول الله وقد جاء إلى الدنيا مرة أخرى لنشر الإسلام ” ثم ادعى أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فاتبعه من اتبعه من الدهماء والغوغاء وأهل الجهل والمصالح الدنيوية. وعلى الرغم من تلك الدعاوى العريضة التي ادعاءها ميرزا لنفسه إلا أنه كان ساذجا فاحشا بذي اللسان، يكيل لخصومه أقذع الشتم والسب!!

أما وحيه الذي ادعاه لنفسه فقد كان خليطا من الآيات المتناثرة التي جمعها في مقاطع غير متجانسة تدل على قلة فقهه وفهمه للقرآن، وإليك نماذج من وحيه المزعوم، قال:” لقد ألهمت آنفا وأنا أعلق على هذه الحاشية، وذلك في شهر مارس 1882م ما نصه حرفيا : ” يا أحمد بارك الله فيك، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى . الرحمن علم القرآن، لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم، ولتستبين سبيل المجرمين، قل إني أمرت وأنا أول المؤمنين، قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً. إلخ” ويقول أيضا :”و والله إنه ظل فصاحة القرآن ليكون آية لقوم يتدبرون . أتقولون سارق فأتوا بصفحات مسروقة كمثلها في التزام الحق والحكمة إن كنتم تصدقون”!!

وأما نبوءاته فما أكثرها وما أسرع تحققها لكن بخلاف ما أنبأ وأخبر، فمن ذلك أنه ناظر نصرانيا فأفحمه النصراني، ولما لم يستطع ميرزا إجابته غضب على النصراني، وأراد أن يمحو عار هزيمته، فادعى أن النصراني يموت – إن لم يتب – بعد خمسة عشر شهرا حسب ما أوحى الله إليه، وجاء الموعد المضروب ولم يمت النصراني، فادعى القاديانيون أن النصراني تاب وأناب إلا أن النصراني عندما سمع تلك الدعوى كتب يكذبهم ويفتخر بمسيحيته!!

ومن ذلك زعمه: أن الطاعون لا يدخل بلده قاديان ما دام فيها، ولو دام الطاعون سبعين سنة، فكذبه الله فدخل الطاعون قاديان وفتك بأهلها وكانت وفاته به، وهو الذي قال “وآية له أن الله بشره بأن الطاعون لا يدخل داره، وأن الزلازل لا تهلكه وأنصاره، ويدفع الله عن بيته شرهما”.

ومن أبرز من جاء بعده نور الدين الحكيم، خليفة الميرزا الأول، ولد سنة 1258هـ تعلم الفارسية ومبادئ العربية، وضع الإنجليز تاج الخلافة على رأسه، فتبعه المريدون. من مؤلفاته: فصل الخطاب. وخواجة كمال الدين: أمير القاديانية اللاهورية، كان يدّعي أنه مثل غلام أحمد في التجديد والإصلاح، وقد جمع كثيرا من الأموال، وذهب إلى إنجلترا للدعوة إلى القاديانية، ولكنه مال للَّذات والشهوات وبناء البيوت الفاخرة. وله كتاب “المثل الأعلى في الأنبياء”، وغيره من الكتب. ومولاي محمد علي، الذي قام بترجمة محرفة للقرآن الكريم إلى الإنجليزية، ومن مؤلفاته: حقيقة الاختلاف، النبوة في الإسلام، والدين الإسلامي. ومحمد علي أمير القاديانية اللاهورية، وهو مُنَظِّر القاديانية وجاسوس الاستعمار، والقائم على مجلة “الأديان”، الناطقة باسم القاديانية، ومن مؤلفاته: “حقيقة الاختلاف”. ومنهم محمد صادق، مفتي القاديانية، من مؤلفاته: “خاتم النبيين”. وبشير أحمد بن الغلام:

من مؤلفاته: “سيرة المهدي”، “كلمة الفصل”.

ومنهم محمود أحمد بن الغلام وخليفته الثاني، الخليفة الثاني للقاديانيين، تولى الزعامة بعد وفاة الحكيم نور الدين، وأعلن أنه خليفة لجميع أهل الأرض، حيث قال: “أنا لست فقط خليفة القاديانية، ولا خليفة الهند، بل أنا خليفة المسيح الموعود، فإذا أنا خليفة لأفغانستان والعالم العربي وإيران والصين واليابان وأوربا وأمريكا وأفريقيا وسوماطرا وجاوا، وحتى أنا خليفة لبريطانيا أيضا وسلطاني محيط جميع قارات العالم”. من مؤلفاته “أنوار الخلافة”، “تحفة الملوك”،  “حقيقة النبوة”.

الانتشار والواقع:

أولاً: أسباب انتشار القاديانية:

  1. وقوف الاستعمار إلى جانب هذه الدعوة وتأييده لها مادياً ومعنوياً لإدراكهم نتائجها في تحقيق أطماعهم في العالم الإسلامي.
  2. استغلال القاديانيين لفقراء بعض المسلمين، بمساعدتهم المادية ببناء المدارس والمساجد والمستشفيات، وتوزيع الكتب وإيجاد بعض الوظائف وغير ذلك.
  3. نشاط القاديانيين وذهابهم إلى الأماكن النائية من بلدان المسلمين التي يكثر فيها الجهل والعامية.
    تمويه القاديانيين على السذج من المسلمين، بأن القاديانية والإسلام شيء واحد، وأن القاديانية ما قامت إلا لخدمة الإسلام.
  4. عدم قيام علماء الإسلام بالتوعية الكافية ضد القاديانية وغيرها من الطوائف الضالة التي بدأت تنتشر في هذا الزمن أكثر من أي وقت مضى، وبتخطيط أدق وأكمل عما مضى؛ إذ العالم اليوم من عزّ بزّ، ومن غلب استلب.
  5. غفلة العالم الإسلامي عن أفريقيا، في الوقت الذي تنشر فيها القاديانية أكثر من خمس مجلات راقية، بينما لا توجد مجلة واحدة للمسلمين في أفريقيا كلها تجابههم. وقد أقاموا فيها 47 سبعاً وأربعين مدرسة، كما بلغ عدد المساجد التي بنوها في العالم حوالي 343 مسجداً، بَنَوْا في أمريكا وفي هولندا وسويسرا وبورما، مسجداً واحداً في كل منها، وفي ألمانيا الغربية مسجدان، وفي سيرلانكا مسجدان، والملايو مسجدان، وفي الولايات المتحدة الأمريكية ثلاثة مساجد، وفي بورنيو ستة مساجد، وفي موريشيوس عشرون مسجداً، وفي شمال أفريقيا أربعين مسجداً، وفي نيجيريا وفي سيراليون ستين مسجداً، وفي أندونيسيا، وفي غانا (161) مسجداً، هذا غير ما يتبع ذلك من المكتبات العامة والخاصة والمؤلفات والنشرات، وترجمة القرآن إلى لغات شتى. كما فتحوا في الآونة الأخيرة مستشفيات ودوراً اجتماعية في مختلف أنحائها، وأصبح أتباعهم-حسب نشراتهم- أكثر من مليوني شخص، في مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة. يجري هذا كله في الوقت الذي شحت فيه الدول الإسلامية بإرسال الدعاة إلى تلك الأماكن النائية من العالم الإسلامي، ليواجهوا نشاط آلاف القاديانيين، وما ذلك عن فقر في الدول الإسلامية، ولكنه ضعف الحماس للدين الإسلامي، وانشغالهم بأنفسهم وبأمور أخرى افتعلها أعداء الإسلام، لإلهاء زعماء المسلمين بها وإشغالهم، بعيداً عن واجبهم الذي يحتمه عليهم دينهم الإسلامي.

ثانياً: واقع القاديانيين:

يعيش معظم القاديانيين الآن في الهند وباكستان، وقليل منهم في إسرائيل والعالم العربي، ويسعون للحصول على المراكز الحساسة في كل بلد يستقرون فيه. وللقاديانيين نشاط كبير في أفريقيا، وفي بعض الدول الغربية، ولهم في أفريقيا وحدها ما يزيد عن خمسة آلاف مرشد وداعية، متفرغين لدعوة الناس إلى القاديانية، ونشاطهم الواسع يؤكد دعم الجهات الاستعمارية لهم.

هذا وتحتضن الحكومة الإنجليزية هذا المذهب، وتسهل لأتباعه التوظيف بالدوائر الحكومية العالمية في إدارة الشركات والمفوضيات، وتتخذ منهم ضباطاً من رتب عالية في مخابراتها السرية. وقد نشط القاديانيون في الدعوة إلى مذهبهم بكافة الوسائل، وخصوصاً الثقافية منها، حيث أنهم مثقفون ولديهم كثير من العلماء والمهندسين والأطباء. ويوجد في بريطانيا القاديانية ثلاث قنوات فضائية باسم التلفزيون الإسلامي ( MTA الأولى)، و(MTA الثانية)، و(MTA International).

كما أن لهم شبكة من الصحف الشهرية منها: مجلة أسبوعية باللغة الإنجليزية في نيجيرياً. ومجلة شهرية باللغة الإنجليزية في غانا. ومجلة شهرية باللغة الإنجليزية في سيراليون. ومجلة تصدر كل ثلاثة أشهر باللغة الإنجليزية في كينيا. ومجلة شهرية باللغة السواحلية في شرق أفريقيا، ومجلة شهرية باللغة الإنجليزية والفرنسية في موريشيوس. ومجلة شهرية باللغة الإنجليزية في سيلون. ومجلة شهرية باللغة الإندونيسية في إندونيسيا. ومجلة شهرية باللغة العبرية في إسرائيل. ولهم في سويسرا مجلة شهرية باللغة الألمانية. ولهم في لندن مجلة شهرية باللغة الإنجليزية. ولهم في الدنمارك مجلة شهرية باللغة الدنماركية. هذا بالإضافة إلى الكتب الكثيرة والمبالغ الضخمة التي ترسلها دائماً إلى بلدان كثيرة، لنشر القاديانية بين شعوب تلك البلدان. وللقاديانية علاقات وطيدة مع إسرائيل وقد فتحت لهم إسرائيل المراكز والمدارس، ومكنتهم من إصدار مجلة تنطق باسمهم، وطبع الكتب والنشرات لتوزيعها في العالم.

وكان لتعيين ظفر الله خان القادياني كأول وزير للخارجية الباكستانية أثر كبير في دعم هذه الفرقة الضالة حيث خصص لها بقعة كبيرة في إقليم البنجاب لتكون مركزاً عالمياً لهذه الطائفة وسموها “ربوة”، استعارة من نص الآية القرآنية: “وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ[سورة المؤمنون، الآية: 50].

وفي عام 1953م قامت ثورة شعبية في باكستان، طالبت بإقالة ظفر الله خان وزير الخارجية حينئذ، واعتبار الطائفة القاديانية أقلية غير مسلمة، وقد استشهد فيها حوالي العشرة آلاف من المسلمين، ولكنهم نجحوا في إقالة الوزير القادياني.

ويبلغ عدد أفراد هذه الطائفة ما يقارب نصف مليون شخص، يقيم أغلبهم في الهند ، ويتوزع الآخرون بين باكستان وبنغلادش وفلسطين. أما تعاليم الميرزا غلام فقد انتشرت في بلدان إسلامية مختلفة كإيران، وأفغانستان، والجزيرة العربية، ومصر. وأصدرت الفرقة مجلة باللغة الإنجليزية، اسمها “مجلة الأديان”.

 موقف الحكومة الباكستانية والفعاليات الإسلامية من فرقة القاديانية:

قام مجلس الأمة في باكستان (البرلمان المركزي) بمناقشة زعيم الطائفة ميرزا ناصر أحمد، والرد عليه من قبل الشيخ مفتي محمود رحمه الله. وقد استمرت هذه المناقشة قرابة ثلاثين ساعة، عجز فيها ناصر أحمد عن عدد كبير من الأجوبة وانكشف النقاب عن كفر هذه الطائفة، فأصدر المجلس قراراً باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة.

وممن تصدى له ولدعوته الخبيثة، الشيخ أبو الوفاء ثناء الله الأمر تستري، أمير جمعية أهل الحديث في عموم الهند، حيث ناظره وأفحم حجته، وكشف خبث طويته وكفره، وانحراف نحلته؛ ولما لم يرجع غلام أحمد إلى رشده لاعنه الشيخ أبو الوفا على أن يموت الكاذب منهما في حياة الصادق، ولم تمر سوى أيام قلائل حتى هلك الميرزا غلام أحمد القادياني في عام 1908م، مخلفاً أكثر من خمسين كتاباً ونشرة ومقالاً، ومن أهم كتبه: “إزالة الأوهام”، “إعجاز أحمدي”، “براهين أحمدية”، “أنوار الإسلام”، “إعجاز المسيح”، “التبليغ”، “تجليات إلهية”.

وفي شهر ربيع الأول 1394ه‍ الموافق إبريل 1974م، انعقد مؤتمر كبير برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، حضره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية من جميع أنحاء العالم، وأعلن المؤتمر كفر هذه الطائفة وخروجها عن الإسلام، وطالب المسلمون بمقاومة خطرها وعدم التعامل مع القاديانيين وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين. وجعلوا من موجبات كفر الميرزا غلام أحمد الآتي: ادعاؤه النبوة، ونسخه فريضة الجهاد خدمة للاستعمار، وإلغاؤه الحج إلى مكة، وتحويله إلى قاديان. وتشبيهه الله تعالى بالبشر. وإيمانه بعقيدة التناسخ والحلول، ونسبته الولد إلى الله تعالى وادعاؤه أنه ابن الإله، وإنكاره ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم، وفتح بابها لكل من هبَّ ودبَّ.
وقد صدرت فتاوى متعددة من عدد من المجامع والهيئات الشرعية في العالم الإسلامي، تقضي بكفر القاديانية، منها المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، هذا عدا ما صدر من فتاوى علماء مصر والشام والمغرب والهند وغيرها .

مخالفة الفرقة القاديانية لعقيدة المسلمين:

قال الله عز وجل في كتابه العزيز: “قل آمنّا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون”، فقد ذكر الله تعالى في هذه الآية عددًا من الأنبياء وأمرنا أن لا نفرّق بينهم من حيث الإيمان بهم، فإنه أصل من أصول الإيمان برسل الله أي أنبيائه أجمعين، فلا يجوز لنا أن نجحد نبوة نبي مجمع على نبوته ولا يجوز لنا أن ندخل في مقامهم من ليس منهم، فأول الأنبياء آدم عليه السلام وهو أول البشر وآخر الأنبياء محمد عليه السلام، وعلى كل رسول أرسله.

والنبوة تكون بنزول الوحي على من اختاره الله تعالى واصطفاه ولا تكون بالاكتساب والاجتهاد بالطاعات، وقد أيّد الله أنبياءه بالمعجزات الباهرات تصديقًا لهم، والمعجزة هي أمر خارق للعادة، موافق لدعوى من ادّعى النبوة، لا يمكن معارضته بالمثل، فليس كل أمر خارق للعادة معجزة، كالسحر فإنه يعارض بسحر مثله، لأن السحر قائم على الخداع والتلبيس، وأما المعجزة فأمر حقيقي ثابت، ولذلك لما شاهد السحرة عصا موسى عليه السلام تنقلب حية حقيقية علموا أن هذا حق يقين وليس تمويهًا ولا تلبيسًا وأعلنوا إيمانهم، وكذلك ما حصل مع مسيلمة الكذاب الذي ادّعى النبوة في حياة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه أتى رجلا أعورًا فوضع يده على عينه فعميت الأخرى، فهذا ليس موافقاً لدعواه النبوة، إنما الله أظهر كذبه وأهانه بهذا الأمر وإن كان خارقًا للعادة، وكذلك من الأمور الخارقة ما يظهر على يد أعور الدجال الذي ظهوره هو أول علامات الساعة الكبرى، فإنه يقول للسماء أمطري فتمطر، يصادف قوله مشيئة الله تعالى، فهذه ليست معجزة إنما تسمى استدراجًا فالدجال لا يدّعي أنه نبي إنما يدّعي الألوهية، ويفتتن به خلق كثير ولا ينجو من فتنته إلا من عصمه الله تعالى.

وقد أخبر رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه سيأتي بعده كذابون كل منهم يزعم أنه رسول الله، وذكر أنهم ثلاثون، منهم اثنان ظهروا في حياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام وهم الأسود العنسي ومسيلمة الكذاب، ثم من الذين ظهروا بعد ذلك رجل من قاديان بباكستان اسمه غلام أحمد القادياني، ادّعى النبوة وقال عن نفسه إنه نبي رسول، وقال إنها نبوة تجديدية، وقال إنها نبوة ظلية، أي تحت ظل محمد صلى الله عليه وسلم، كما ورد في كتاب له، سماه “الخطبة الإلهامية”، وطائفته اليوم كثرة في أوروبا وأميركا وفي إنجلترا يعملون باسم الإسلام، فيطبعون الكتب وينشرونها بين المسلمين وأحيانًا يغرون الناس الفقراء بالمال ليوقعوهم بالكفر والضلال ولينشروا لهم هذه العقيدة الفاسدة، وقد مضى على دعوتهم نحو مائة وعشرين سنة أيام الاستعمار البريطاني لبلاد الهند، ثم هذا الرجل غلام أحمد، الله تعالى أذلّه وأهانه فإنه بحضور جمع من العلماء، صار يقول: “اللهم من كان منا على الضلال فأهلكه”، ثم بعد ذلك بسنة أصيب بمرض إسهال البطن، حتى إنه كان يمكث في الخلاء أربعين مرة في اليوم، حتى مات بعد عشرين يوم، فوجد ميتًا في الخلاء، حيث النجاسة والخبث، وكان قد مضى على موته ثلاثة أيام، حتى عرف أتباعه بذلك.

وقد رد العلماء على هذه الطائفة بأن الله تعالى قال: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وأن المراد بقوله تعالى وخاتم النبيين آخر النبيين وليس المراد أن الرسول زينة النبيين كالخاتم الذي يزين يد صاحبه كما زعمت القاديانية، فقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم: “وخًتِم بي النبيون”، وروى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: “ذهبت النبوة وبقيت المبشرات”، قيل: “وما المبشرات يا رسول الله؟” قال: “الرؤيا الصالحة”.

فمن اعتقد أنه يجوز أن يأتي نبي يوحى إليه بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كذّب القرآن والحديث الصحيح وما عليه جميع المسلمين، فيكون كافرًا بالله وبرسوله محمد وقد قال عزّ وجل: ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرًا، والأنبياء لهم خصائص خصهم الله بها منها قوله عليه الصلاة والسلام: “الأنبياء يدفنون حيث يموتون” وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها ودفن حيث توفي، وذلك تكريمًا لمقامهم عليهم أفضل الصلاة والسلام.
إخوة الإيمان… إن ربنا عز وجل جعل النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء وأمّته آخر الأمم، فأكمل لها دينها، وجعل أمرها قائمًا إلى يوم القيامة، وإن على المؤمن أن يحذر من فتن المفسدين الذين يسعون لخراب هذا الدين، ذلك بأن يتعلم ما افترض الله عليه من علم الدين ليحصّن نفسه وأهله من تلبيس شياطين.

مصادر للتوسع:

  1. عارف تامر ، معجم الفرق الإسلامية، بيروت ـ لبنان ، دار المسيرة ، 1990 م  .
  2. الأمين ، شريف يحيى ، معجم الفرق الإسلامية، بيروت ـ لبنان ، دار الأضواء ، ط1 ، 1406 هـ ـ 1986         م.
  3. البهي ، محمد ، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، بيروت ـ لبنان ، دار الفكر ط7         ، 1990  .
  4. د . فاضل زكي محمد ، الفكر السياسي العربي الإسلامي، بغداد ـ العراق ، 1390 هـ . ق ـ 1970 م.
  5. الشنتناوي ، خورشيد ، دائرة المعارف الإسلامية، بيروت ـ لبنان ، دار المعرفة.
  6. السامرائي ، يونس ، علماء العرب في شبه القارة الهندية، بغداد ـ العراق ، وزارة الاوقاف والشؤون الدينية،  مطبعة الخلود 1986 م.
  7. القادياني ، الميرزا أحمد ، ترياق القلوب .
  8. القاديانية، إحسان إلهي ظهير.
  9. القاديانية، أبو الحسن علي الحسني الندوي، أبو الأعلى المودودي، محمد الخضر حسين.
  10. تاريخ القاديانية، ثناء الله تسري.
  11. سوداء القاديانية، محمد علي الأمر تسري.
  12. فتنة القاديانية، عتيق الرحمن عتيق (قادياني ـ سابقًا).
  13. المذهب القادياني، إلياس برني.